في مشهد الحياة المهنية أو الاستثمارية في إمارة أبوظبي، قد تواجه أطرافٌ نزاعاً يحتاج إلى حلول سريعة وفعالة تسمى بـ التسوية الودية أو “الصلح الودي” (أي تسوية النزاع دون الذهاب إلى محكمة).
في هذا المقال نستعرض مفهوم التسوية الودية في ابوظبي، أنواع القضايا التي تقبلها، الإجراءات المتبعة، المراكز المختصة، ودور المحامي في هذه العملية.
للمزيد من الاستشارة القانونية المتخصصة، يمكنكم التواصل مع محامي في أبوظبي عبر زر واتساب أدناه.
جدول المحتويات
مفهوم التسوية الودية في ابوظبي
تُعرَّف التسوية الودية في ابوظبي بأنها اتفاق يتم بين أطراف النزاع سواء كانوا أفرادًا أو شركات عبر التفاوض المباشر أو بمساعدة طرف محايد، بهدف إنهاء النزاع دون اللجوء إلى حكم قضائي.
يُعد هذا الأسلوب أحد أبرز أشكال تسوية المنازعات البديلة (ADR) التي تشجعها الدولة لخفض الضغط على المحاكم وتحقيق حلول أكثر مرونة وعدلاً.
خيث يغطي الإطار الاتحادي الجديد جميع إمارات الدولة، وبالتالي فإن إمارة أبوظبي تخضع للأحكام الواردة في المرسوم بقانون اتحادي رقم 40 لسنة 2023.
كما يجب أن يكون الاتفاق الودي متوافقاً مع النظام العام والقوانين الاتحادية، وإلا فإن المحكمة قد ترفض اعتماده أو تنفيذه.
الأساس القانوني في دولة الإمارات
صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 40 لسنة 2023 بشأن الوساطة والتسوية الودية في المنازعات المدنية والتجارية (نافذ من 29 ديسمبر 2023)، ليُوحّد الإطار التشريعي المنظّم لإجراءات التسوية في جميع إمارات الدولة، بما فيها أبوظبي.
كما نصّ قانون الإجراءات المدنية الاتحادي في مادته (77) على أن «للمحكمة أن تعرض التسوية الودية على الأطراف»، تأكيدًا لتوجه المشرّع نحو تشجيع الحلول الودية قبل إصدار الأحكام القضائية.
لماذا تُفضَّل التسوية الودية؟
اعتماد التسوية الودية في ابوظبي يُعدّ خيارًا عمليًا للأسباب التالية:
- سرعة الإجراءات: الحلول الودية تختصر الوقت مقارنة بمسار الدعوى القضائية الطويل.
- تكلفة أقل: تُجنّب الأطراف المصاريف القضائية وأتعاب التقاضي المطوّلة.
- مرونة الاتفاق: الأطراف تضع بنود الحل بأنفسهم بما يحقق مصالحهم المشتركة.
- الحفاظ على العلاقات: غالباً ما تساهم التسوية في استمرار العلاقات التجارية أو الأسرية دون توتر.
أنواع القضايا التي تقبل التسوية في أبوظبي
تُعَدّ التسوية الودية في ابوظبي خيارًا قانونيًا مرنًا يتيح للأطراف إنهاء نزاعاتهم دون الدخول في إجراءات التقاضي الطويلة، وذلك وفق القوانين الاتحادية والمحلية التي تنظّم الوساطة والصلح في دولة الإمارات. ومع أن مبدأ التسوية يشمل نطاقًا واسعًا من المنازعات، إلا أن هناك أنواعًا محددة من القضايا يُسمح بها وأخرى تُستثنى بنص القانون.
القضايا المدنية والتجارية
يُجيز قانون الوساطة والتسوية الودية في المنازعات المدنية والتجارية للأطراف اللجوء إلى التسوية في مختلف القضايا المدنية والتجارية سواء كانت بين متعاقدين أو غير متعاقدين.
يشمل ذلك النزاعات الناتجة عن العقود، والمطالبات المالية، والخلافات التجارية أو الإيجارية، وغيرها من المنازعات التي لا تمس النظام العام أو القواعد الآمرة.
القضايا المستثناة من التسوية
حدّد القانون الاتحادي بعض المنازعات التي لا يجوز فيها اللجوء إلى التسوية الودية أو التي تكون خاضعة لقيود خاصة، أبرزها:
- القضايا الجنائية التي تمسّ الحق العام أو تنطوي على جريمة لا يجوز التصالح فيها.
- المنازعات المتعلقة بالنظام العام أو الأحوال الشخصية التي تخضع لإجراءات خاصة.
أمثلة عملية على القضايا القابلة للتسوية
من أبرز الأمثلة على القضايا القابلة للتسوية الودية في أبوظبي نذكر ما يلي:
- نزاع تعاقدي بين شركتين تعملان في أبوظبي حول تنفيذ التزامات مالية أو توريد سلع.
- خلاف بين مالك ومستأجر بشأن شروط العقد أو تجديده.
- منازعات تتعلق بالمشروعات العقارية أو المقاولات.
- نزاع بين شركاء في مشروع استثماري حول الأرباح أو الإدارة.
قد يهمك أيضا:
- شرط التحكيم في العقود التجارية في أبوظبي
- التحكيم التجاري الدولي في عقود الاستثمار في أبوظبي
- التحكيم التجاري في القانون الإماراتي طريقك لحل النزاعات التجارية
إجراءات التسوية الودية في ابوظبي
الخطوات العامة التي تمر بها عملية التسوية الودية في ابوظبي تلخص بما يلي:
- بدء التسوية: يمكن أن يطلبها أحد الأطراف أو تقترحها المحكمة قبل السير في الدعوى.
- اختيار الوسيط أو المحكّم: يتم تعيين شخص محايد يسمى الوسيط (Conciliator) وفقاً للمرسوم بقانون اتحادي رقم 40 لسنة 2023.
- جلسات التفاوض: يعقد الوسيط جلسات تجمع الأطراف لعرض وجهات النظر وتقديم الحلول المقترحة.
- إعداد محضر التسوية: في حال التوصل إلى اتفاق، يُعدّ محضر تسوية يُوقّع من الأطراف، ويُرفع للمحكمة لاعتماده ليصبح سندًا تنفيذياً ملزمًا.
- اعتماد الاتفاق وتنفيذه: بعد التصديق عليه، يكتسب الاتفاق قوة التنفيذ ويُعامل كحكم قضائي نافذ.
مراكز التسوية الودية للمنازعات في أبوظبي
تُعدّ مراكز التسوية الودية في ابوظبي جزءًا أساسيًا من منظومة العدالة الحديثة التي تسعى لتقليل النزاعات القضائية وتحقيق حلول سريعة وفعّالة بين الأطراف. وقد نظم المشرّع الإماراتي هذه المراكز ضمن إطار قانوني واضح يسمح بإنشائها وإدارتها تحت إشراف الجهات القضائية المختصة في الدولة.
الجهات الاتحادية والمحلية
استنادًا إلى المرسوم بقانون اتحادي رقم 40 لسنة 2023 بشأن الوساطة والتسوية في المنازعات المدنية والتجارية، يجوز إنشاء وتسجيل مراكز متخصصة في الوساطة سواء كانت تابعة للمحاكم أو مستقلة تعمل تحت إشراف وزارة العدل أو دائرة القضاء.
وفي إمارة أبوظبي تحديدًا، تتولى محاكم أبوظبي عبر إدارة الصلح والتسوية (Conciliation and Settlement Department) استقبال بعض القضايا قبل إحالتها للمحكمة، خصوصًا القضايا ذات القيمة المالية الصغيرة أو النزاعات التي يرى القاضي إمكانية حلّها وديًا.
تسهم هذه المراكز في تخفيف العبء عن المحاكم وتعزيز ثقافة الحلول البديلة، بما ينسجم مع سياسة حكومة أبوظبي في تطوير خدمات العدالة الرقمية والودية.
كيف تختار المركز المناسب للتسوية الودية؟
اختيار المركز الملائم لإدارة التسوية الودية يُعد خطوة محورية في نجاح العملية. لذا يُستحسن مراعاة مجموعة من المعايير القانونية والتنظيمية قبل بدء الإجراءات.
- الترخيص والاعتماد: تأكد من أن المركز مرخّص رسميًا ومعتمد من الجهة القضائية المختصة في أبوظبي.
- الاختصاص بالعقد أو النزاع: تحقق مما إذا كان العقد المبرم بين الأطراف يتضمن بندًا يلزم بالإحالة إلى مركز محدد قبل اللجوء للقضاء.
- الخبرة النوعية: راجع خبرة المركز في معالجة نوع النزاع — سواء كان تجاريًا، عقاريًا، عائليًا أو استثماريًا — لتضمن جودة التسوية.
أمثلة على المراكز المعتمدة في أبوظبي
فيما يلي أهم المراكز المعتمدة المختصة بقضايا التسوية في ابوظبي:
- مركز الوساطة التابع لمحاكم أبوظبي: يُعد من أهم الجهات المحلية المختصة بالتسوية الودية قبل إحالة النزاعات للمحكمة.
- مراكز الوساطة الخاصة المسجّلة: وهي مراكز تجارية مستقلة يمكن للأطراف الاتفاق على اللجوء إليها بموجب بنود العقد أو اتفاق لاحق.
- منصة “وساطة” الإلكترونية التابعة لوزارة العدل الاتحادية: تتيح تسوية المنازعات إلكترونيًا على مستوى الدولة، وتشمل نطاق أبوظبي ضمن خدماتها.
دور المحامي في التسوية الودية
يُعتبر المحامي في التسوية الودية في ابوظبي عنصرًا محوريًا في نجاح عملية الصلح وتحقيق توازن المصالح بين الأطراف. فبينما تقوم المراكز والجهات المختصة بدور تنظيمي وإجرائي، يضطلع المحامي بمهمة الدفاع عن الحقوق وضمان أن يتم الاتفاق وفق الأصول القانونية السليمة، دون أن يتنازل موكله عن حقوقه الجوهرية.
وجود محامٍ مختص ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو ضمان قانوني أساسي يحمي مصالحك خلال عملية التفاوض أو الوساطة. فالمحامي:
- يمتلك فهمًا دقيقًا للبيئة القانونية والتنظيمية في أبوظبي، ويستطيع تقييم مدى جدوى التسوية مقارنة بخيار التقاضي.
- يساعد في صياغة الاتفاق بطريقة قانونية محكمة، تضمن وضوح البنود وتمنع أي ثغرات يمكن استغلالها مستقبلاً.
- يمثل موكله أمام مراكز التسوية الودية أو جلسات الوساطة، ويوفر الإرشاد القانوني في كل خطوة لضمان توازن الحل وامتثاله للقانونين المحلي والاتحادي.
مهام المحامي العملية في التسوية
أفضل محامي في ابوظبي يؤدي أدوارًا تنفيذية دقيقة خلال مراحل التسوية، من أبرزها:
- مراجعة بنود النزاع في العقد للتأكد من وجود شرط يتيح اللجوء إلى التسوية أو الوساطة قبل التقاضي.
- اختيار الوسيط أو لجنة الصلح المناسبة، والتأكد من استيفائهم للشروط القانونية المعتمدة في القانون الاتحادي رقم 40 لسنة 2023.
- صياغة محاضر الاجتماعات والاتفاق النهائي، وضمان أن يكون قابلاً للتنفيذ أمام الجهة القضائية المختصة في أبوظبي.
- متابعة تنفيذ الاتفاق والتدخل قانونيًا في حال إخلال أحد الأطراف بالالتزامات المتفق عليها، بما في ذلك رفع دعوى التنفيذ إذا لزم الأمر.
ملاحظات واستراتيجيات قانونية
- استفد من فرص التسوية المبكرة: فالكثير من القضايا يمكن إنهاؤها بسرعة بتدخل المحامي المناسب قبل تصعيد النزاع.
- التقييم القانوني قبل القبول بالعرض: أحيانًا يكون المضي في الدعوى القضائية أكثر فائدة، وعلى المحامي تحليل الخيارات بدقة قبل اتخاذ القرار.
- إدراج بند النزاعات المستقبلية: من الضروري أن يتضمن الاتفاق الودي بندًا يحدّد آلية التعامل مع أي خلاف لاحق، سواء عبر وساطة جديدة أو تحكيم، مما يُسهّل التنفيذ ويحافظ على استقرار العلاقة القانونية.
الأسئلة الشائعة
في إمارة أبوظبي، تُعدّ التسوية الودية خياراً فعّالاً ومناسباً لنزاعات تجارية أو مدنية يفضّل فيها الأطراف تجنّب زمن التقاضي وتكاليفه. باتّباع الإجراءات القانونية القائمة، واختيار المركز المناسب، والاستعانة بمحامٍ محترف، يمكن الوصول إلى تسوية تحقق مصالح الأطراف وتفتح الباب لمستقبل أكثر مرونة وأقل نزاعاً.
إذا كنت ترغب في الحصول على استشارة قانونية متخصصة من مكتبنا في أبوظبي، اتصل بنا عبر زر الواتساب أدناه.
اقرأ أيضًا عن:
- أحكام الطلاق بالتراضي وفق القانون الاماراتي
- دليل شامل عن المنازعات البحرية في موانئ ابوظبي وفق القانون البحري الإماراتي
- عقد تسوية إخلاء عقار بالتراضي ابوظبي
المصادر:
- المرسوم بقانون اتحادي رقم (40) لسنة 2023 بشأن الوساطة والتسوية في المنازعات المدنية والتجارية.
- قانون الإجراءات المدنية الاتحادي (المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 وتعديلاته).
محامي متمرس في أبو ظبي، يمتلك خبرة واسعة في مجال القانون المدني والتجاري. يقدم استشارات قانونية شاملة للشركات والأفراد، ويترافع أمام المحاكم بكفاءة عالية. يتميز بمعرفته العميقة بالقوانين المحلية والدولية، وبقدرته على تقديم حلول عملية ومبتكرة للقضايا القانونية المعقدة.
